إستهلال






بدأ الشطح الصوفي عند الصوفية نتيجة مرور الصوفي بأربع مراحل.



-1- الوجد



هو ما صادف القلب من فزع أو غم أو رؤية معني من أحوال الاخره , أو كشف حاله بين العبد وبين الله. قالوا : وهو سمع القلوب وأبصارها , فمن ضعف وجده تواجد , والتواجد ظهور ما يجد في باطنه علي ظاهره , ومن قوي تمكن – قال النووي : الوجد لهيب ينشأ في الأسرار , ويسنح عن الشوق فتضطرب الجوارح طربا , أو حزنا , عند ذلك الوارد , وقال بعضهم : الوجد بشارات الحق بالترقي إلي مقامات مشاهداته .

(التعرف بمذهب أهل التصوف لأبي بكر محمد الكلاباذي –السراج 134) .

ويقول أبو النصر السراج الطوسي –( وهذا الطوسي يصفه الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الأزهر السابق بأنه أعظم مؤرخ في تاريخنا قديمة وحديثه في كتابه (اللمع ) إن الوجد مكاشفات من الحق , ألا تري أن احدهم يكون ساكنا فيتحرك , ويظهر منه الزفير والشهيق ؟؟ ويكون من هو اقوي منه ساكنا في وجده لا يظهر منه شئ من ذلك . قال الله تعالي ( الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم ) الحج – وأول الوجد رفع الحجاب ومشاهده الرقيب وحضور الفهم , وملاحظه الغيب ومحادثه السر , وإيناس المفقود , وهو فناؤك أنت من حيث أنت . وقال أبو سعيد الخراز : الوجد أول درجات الخصوص وهو ميراث التصديق بالغيب , فلما ذاقوها وسطع في قلوبهم نورها , زال عنهم كل شك وريب .

( اللمع لأبي سراج الطوسي 376)



ويقال إن أبا سعيد الخراز كان كثير التواجد عند ذكر الموت , وفرق بعض المشايخ بين الجد والتواجد بقولهم : التواجد من الوجد بمنزله التباكي من البكاء . ويروي عن الجنيد قوله لا يضر نقصان الوجد مع فضل العلم , وفضل العلم أتم من فضل الوجد .



( اللمع لأبي النصر السراج الطوسي 381 )

ويقول القشيري : ( الوجد يصادف قلبك ويرد عليك بلا تعمد وتكلف ولهذا قال المشايخ : الوجد ألمصادفه ,والمواجيد ثمرات الأوراد ,فكل من ازدادت وظائفه (أي نوافله )ازدادت من الله تعالي لطائفه , ومن أهميه الوجد في الفكر الصوفي ألف فيه – أبو سعيد احمد بن بشر بن زياد الأعرابي كتابا سماه ( الوجد ) وقد لخصه الطوسي في كتابه اللمع .



2-- الغلبة



وهي حال يمر بها الصوفي إذا ذاد عليه الوجد حتى يغلبه , ويعرفونه بقولهم والغلبة حال تبدوا للعبد لا يمكنه معها ملاحظه السبب ولا مراعاة الأدب ويكون مأخوذا عن تمييز , فربما خرج إلي بعض ما ينكر عليه من لم يعرف حاله ويرجع علي نفسه صاحبه (أي صاحب الغلبة ) , إذا سكنت غلبات ما يجده ويكون الذي غلب عليه خوف أو هيبة أو إجلال أو حياء أو بعض هذه الأحوال .

التعريف بمذهب أهل التصوف لأبي بكر محمد الكلاباذي 137 )



-3 - السكر



فإذا ازدادت غلبه الوجد علي الصوفي وصل إلي حاله السكر , والسكر هو أن يغيب الصوفي عن تمييز الأشياء وقد أطلق القشيري علي السكر غيبه , حيث يقول : فالغيبة غيبه القلب عن علم ما يجري من أحوال الخلق لاشتغال الحس بما ورد عليه , ثم قد يغيب عن إحساسه بنفسه وغيره .

الرسالة القيشريه لأبي القاسم عبد الكريم –القشيري 63 )

وكتب يحي بن معاذ إلي أبي اليزيد يقول : سكرت من كثره ما شربت من كأس محبته , فكتب أبو اليذيد في جوابه : سكرت وما شربت من الدرر , وغيري قد شرب بحور السماوات والأرض وما روي بعد , ولسانه مطروح من العطش , ويقول هل من مزيد ؟؟!!

حليه الأولياء لأبي نعيم الاصبهاني –10 – 40 – أبو اليذيد البسطامي –458 ) .



-4 - الشطح



أن يتحدث الصوفي في حال سكره وغلبه الوجد عليه ويعرف الصوفية الشطح بقولهم : هو عبارة مستغربه في وصف وجد فاض بقوته , وهاج بشده غليانه وغلبته . وقالوا : الشطح عبارة عن كلمه عليها رائحة رعونة ودعوى , تصدر من أهل ألمعرفه باضطرار واضطراب وهي من زلات المحققين . فأنه دعوى حق يفصح بها العارف لكن من غير إذن الهي ( معجم مصطلحات الصوفية . د/ عبد المنعم حفني –140 الجرجاني في التعريفات بند شطح ) بينما يعرف صوفي معاصر الشطح بقوله : هو محاوله لوصف ما لا يوصف . والكلام في الشطح علي السكر فلا يؤاخذ صاحبه , والشطح تعبير عن حاله اختلاط لا يميز فيها صاحب ألطريقه الحق من الخلق ولا الباطن من الظاهر ولا المسمي الحقيقي من حقيقة الأسماء , فالحق قريب إلي درجه انه لم يعد ثمة ما يفصله عنه , وهو حقيقة كل مسار ومتحرك . ( النصوص في مصطلحات الصوفية /لمحمد غازي عرابي – 175) .

ولاحظ أخي التدرج في تعريف الصوفية لمراحل الشطح .. فهو يبدأ بالوجد , ثم الغلبة , فالسكر , وينتهي بالشطح , الذي يصدر عن اهل ألمعرفه وان قولهم حق في ذاته والخطأ فقط في الحديث عنه ونقله للناس , وفي نفس الوقت يعتبر من زلات المحققين , حيث أظهروه بدون إذن الهي , وان الشطح حاله اختلاط لا يميز فيها الصوفي بين الحق والخلق. , ولا ننسي فرسانه الأوائل ومن بينهم البسطامي الصوفي الشهير .....

هذا هو شطحهم , فدائما ما يدعوا إنهم أهل صلاح وهم اصل الدين , فهل سمع أو قرأ أحدا منكم عن هذا الشطح في عهد رسولنا الكريم او عهد ألصحابه الكرام .وعجبا لهؤلاء المخرفين الكذابين البلهاء الضُلال المُضلين لأتباعهم من أصدقائنا الممحوة عقولهم .